الشرق الأوسط- صراعات القوى العظمى ومصالحها المتضاربة

المؤلف: صدقة يحيى فاضل11.08.2025
الشرق الأوسط- صراعات القوى العظمى ومصالحها المتضاربة

تعتبر المنطقة العربية، أو الشرق الأوسط كما يطلق عليها، بؤرة للاضطرابات وعدم الاستقرار على مستوى العالم. فمعظم العلاقات الدولية السائدة في المنطقة تتسم بالصراعات الحادة، حيث لا تكاد تهدأ نار فتنة حتى تشتعل أخرى. وفي حقيقة الأمر، يسود "قانون القوة" في العلاقات الدولية، وهو مبدأ قديم قدم التاريخ، حيث يسيطر الأقوياء على الضعفاء. غير أن الواقع المعاصر يشهد تحولاً طفيفاً نحو التخفيف من حدة هذه "القاعدة الغابية"، ويدفع بالعلاقات نحو التعاون الإيجابي، ومراعاة الجوانب الإنسانية. فالعلاقات الدولية هي مزيج دائم من التعاون والتناحر، ويمكن توجيهها نحو مسار التعاون من خلال تبني سياسات رشيدة، والتأكيد على الاعتبارات الإنسانية، وتحقيق المصالح المشتركة. وقد بدأت هذه التوجهات تتبلور ببطء منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال الصراعات متفشية في المنطقة، وتزداد حدتها وعنفها بمرور الوقت، وذلك لسببين رئيسيين، هما: الأطماع المتواصلة للتحالف الاستعماري الصهيوني، وطغيان الأنظمة الديكتاتورية المستبدة في معظم دول المنطقة.

إن أغلب النزاعات والحروب التي تشهدها المنطقة، بما فيها الحروب بالوكالة، ما هي إلا معارك مستمرة في سياق صراع محموم بين القوى الدولية والإقليمية، وتنافس شرس على موارد المنطقة وإمكاناتها الهائلة. تلك الموارد التي تثير لعاب القوى العظمى والكبرى. هذا العدوان أو التسلط، الذي يتجلى في التدخل السافر في الشؤون الداخلية لمعظم الدول العربية، يمكن ملاحظته بالعين المجردة في بعض الأحيان، بينما يستلزم في أحيان أخرى استخدام "مجهر" مكبر لرؤيته بوضوح. ولكنه في جميع الأحوال، عدوان مرئي ومسموع ومقروء في أغلب الحالات، особенно для живущих за пределами этого района.



إن أي قوة عظمى أو كبرى، تسعى جاهدة للهيمنة على مناطق العالم النامية، وخاصة تلك التي تمتلك موارد طبيعية وفيرة وموقع استراتيجي متميز، كما هو الحال في منطقة الشرق الأوسط. وغالباً ما تكون أهم أهداف القوى العظمى أو الكبرى تجاه هذه المنطقة، هي:

- بسط النفوذ والهيمنة على المنطقة المعنية، بأقصى درجة ممكنة.

- الحصول على موارد المنطقة بأقل تكلفة ممكنة.

- حرمان القوى الدولية الأخرى من الاستفادة من موارد المنطقة.

أما أهم "الوسائل" التي تعتمدها القوى المهيمنة، فهي وسائل "الاستعمار الجديد"، وأبرزها:

- السيطرة على عملية صنع القرار، وتوفير الحماية ضد عدو وهمي أو حقيقي، وتطبيق أسلوب "فرق تسد"، وإشعال الفتن والصراعات، وما إلى ذلك.

إن أي قوة دولية تزداد نفوذاً وسطوة عندما تهيمن على منطقة حيوية ومهمة. وفي حالة منطقة الشرق الأوسط، فإن القوة العظمى المهيمنة، حتى الآن، هي الولايات المتحدة الأمريكية. وهي تتبنى الأهداف نفسها، وتستخدم الوسائل ذاتها، وفي مقدمتها وسائل الاستعمار الجديد. هذه السياسة مكنت الولايات المتحدة من ترسيخ نفوذها في المنطقة، وعززت مكانتها على الساحة الدولية. وهذا ما يؤكده العديد من علماء السياسة الأمريكيين وغيرهم. ولا شك أن هذه الأهداف تتعارض جوهرياً مع المصلحة العربية العليا.



إن أغلب الممارسات التي تقوم بها القوى المهيمنة في المنطقة الخاضعة لسيطرتها تتعارض غالباً مع مصالح المنطقة. وعادة ما تظهر قوى محلية تقاوم تلك الهيمنة وتسعى إلى تقويضها. وبناءً على هذا التبسيط، يمكننا أن نتصور وجود تكتلين متضادين ومتنافرين في المنطقة العربية حالياً؛ التكتل الأول هو التكتل الغربي الإسرائيلي، بزعامة الولايات المتحدة (ويرمز لهذا التحالف بالرمز "س"). أما التكتل الثاني المناوئ والمنافس للتكتل "س"، ويرمز له بالرمز "ص"، فهو يتألف من القوى والجماعات المعارضة حالياً لـ "س"، والمكافحة للاستعمار وأساليبه الخبيثة. إضافة إلى بعض القوى الخارجية، وفي مقدمتها روسيا والصين، وأغلبية شعوب المنطقة، ومن يدور في فلكهم. لقد بات واضحاً للعيان أن التكتل "س" הוא אנטגוניсти, يسعى جاهداً لتحقيق ما يعتقد أنه مصالحه الخاصة، ومصلحة إسرائيل. وغالباً ما تكون هذه "المصالح" حكراً على فئات قليلة فقط.

لقد أصبح جلياً للجميع أن التكتل "س" يسير في اتجاه سلبي ومضاد للمصالح العليا العربية الحقيقية. فعندما يدعي أحد مسؤولي "س" أن تكتله يعمل على إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة، فإنه في الواقع يسعى إلى تحقيق ذلك بما يتوافق مع مصالحه وأهدافه الخاصة، المتغيرة التفاصيل والثابتة الجوهر. وغالباً ما تكون أفعاله عاملاً يزعزع الأمن، ويضر بمصالح الآخرين، ويهدد الاستقرار الإقليمي لاحقاً. هناك مقاومة محدودة للغاية، والبعض يصفها بـ "النائمة"، ضد "س"، وما زال التكتل "ص" في موقع المدافع عن النفس. وذلك يعزى إلى قوة الولايات المتحدة، وضعف إمكانات التكتل "ص". ما زال "ص" يمثل جبهة مقاومة متواضعة الإمكانات والتأثير. إن العدوان السافر الذي يشنه التكتل "س" هو الذي أوجد التكتل "ص". نعم، هناك رفض للهيمنة، ومقاومة للظلم، تتجسد في التكتل "ص". ولكنها لا تزال مقاومة خافتة وغير مؤثرة.



هناك مداخل ونظريات أخرى، تساعد القارئ غير المتخصص في العلوم السياسية على فهم المسار العام للسياسة في المنطقة التي تثير اهتمامه. فعلى سبيل المثال، يمكن من خلال دراسة النظام العالمي الراهن، وسياسات الأقطاب فيه تجاه المنطقة المعنية، فهم الأحداث السياسية الجارية فيها. فعلى سبيل المثال، من مصلحة العرب كأمة، وجميع الدول النامية التي تضررت من النظام العالمي السابق (نظام القطبية الأحادية/ أمريكا)، تحول النظام الدولي إلى نظام متعدد الأقطاب (أمريكا، الصين، روسيا). ذلك يمكن أن يسهل التحرر من هيمنة الأقطاب المعادية، وذلك عبر إمكانية الاستعانة الحذرة بالأقطاب الأخرى، في التصدي للأعداء. وسنستكمل هذا الحديث في وقت لاحق.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة